إذن لابد أن يكون الداعية منزلاً لكل إنسان منزلته بحسب ما تقتضيه الحال: فهناك جاهل لا يدري، وهناك عالم ولكن عنده فتور وكسل، وهناك عالم ولكنه معاند ومستكبر، فيجب أن ينزل كل واحد من هؤلاء المنزلة اللائقة به.
المقوم الرابع: حسن التربية:أن تكون المرأة حسنة التربية لأولادها، لأن أولادها هم رجال المستقبل، ونساء المستقبل، وأول ما ينشئون يقابلون هذه الأم، فإذا كانت الأم على جانب من الأخلاق، بل على جانب من العبادة وجانب من الأخلاق وحسن المعاملة وظهروا على يديها وتربوا عليها، فإنهم سوف يكون لهم أثر كبير في إصلاح المجتمع.
لذلك يجب على المرأة ذات الأولاد أن تعتني بأولادها، وأن تهتم بتربيتهم، وأن تستعين إذا عجزت عن إصلاحهم بأبيهم أو بولي أمرهم إذا لم يكن لهم أب بولي أمرهم من إخوة أو أعمام أو بني إخوة أو غير ذلك.
ولا ينبغي للمرأة أن تستلم للواقع،وان تقول: سار الناس على هذا فلا أستطيع أن أغير، لأننا لو بقينا هكذا مستسلمين للواقع ما تم الإصلاح، إذ أن الإصلاح لابد أن يغير ما فسد إلى وجه صالح، ولابد أن يغير الصالح إلى ما هو أصلح حتى تستقيم الأمور.
و التسليم للواقع أمر غير وارد في الشريعة الإسلامية، ولهذا لما بعث النبي عليه الصلاة والسلام في أمة مشركة يعبدون الأصنام، ويقطعون الأرحام، ويظلمون ويبغون على الناس بغير حق، لم يستسلم صلى الله عليه وسلم، بل لم يأذن له الله عز وجل أن يستسلم للأمر الواقع، بل قال سبحانه له: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ} [الحجر:الآية:94]
فأمره سبحانه أن يصدع بالحق، وأن يعرض عن الجاهلين، ويتناسى جهلهم وعدوانهم، حتى يتم له الأمر، وهذا هو الذي حصل، نعم ربما يقول قائل: إن من الحكمة أن نغير، لكن ليس بالسرعة التي نريدها، لأن المجتمع على خلاف ما نريد من الإصلاح، فحينئذ لا بد أن يتنقل الإنسان بالناس لإصلاحهم من الأهم إلى ما دونه، أي يبدأ بإصلاح الأهم والأكثر إلحاحا، ثم يتنقل بالناس شيئا فشيئاً حتى يتم له مقصوده.
المقوم الخامس: النشاط في الدعوة:أن يكون للمرأة دور في تثقيف بنات جنسها، وذلك من خلال المجتمع، سواء أكان في المدرسة، أو الجامعة، وسواء أكانت الدراسة في مرحلة ما بعد الجامعة كالدراسات العليا، أو فيما دونها من مراحل التعليم المختلفة. كذلك أيضا من خلال المجتمع فيما بين النساء من الزيارات التي يحصل فيها من الكلمات المفيدة ما يحصل.
ولقد بلغنا-ولله الحمد أن لبعض النساء دوراً كبيراً في هذه المسألة، وأنها قد ترتب جلسات لبنات جنسها في العلوم الشرعية،أو العلوم العربية، وهذا لاشك أمر طيب تحمد المرأة عليه،وهو ثواب باق لها بعد موتها، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : <<إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له>>.
فإذا كانت المرأة ذات نشاط في مجتمعها في نشر الدعوة، من خلال الزيارات، أو من خلال المجتمعات، في المدارس أو غيرها، كان لها أثر كبير، ودور واسع في إصلاح المجتمع.
هذا هو ما حضرني الآن بالمنسبة لدور المرأة في إصلاح المجتمع وذكر الأسباب التي يكون بها هذا الإصلاح.هذا والله أسأل أن يجعلنا هداة مهتدين،وصالحين وان يهبنا منه رحمة انه هو الوهاب، والحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على نبينا محمد،وعلى آله وأصحابه، سبحانه أسأل أن يجعلنا هداة مهتدين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المصدر: من كتاب دور المرأة في إصلاح المجتمع لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله