جرب نار الغيرة
بقلم بسمة
وصلنا إلى الفندق الذي تقيم فيه شركة أمير إفطارها، سلمنا على جميع الموظفين الذين أعرف معظمهم، ومن بعيد لاح وجه منال.
منال..تلك
المرأة التي مرت بعلاقات كثيرة فاشلة، وأصبحت هواياتها اصطياد الرجال، وقد
حاولت من قبل مع أمير قبل خطبتنا، لكن الحمد لله باءت محاولتها معه
بالفشل، لكن هذا لا يمنعها من المحاولة من حين لأخر، لهذا كنت أكرهها
بشدة.، ولا أحب وجودها بالقرب من أمير على الإطلاق.
بعد الإفطار،
قلت لأمير أني سأذهب لأحضر شيئا لأشربه، لكن الحقيقة أني كنت أريد أن ابتعد
لأرى ماذا ستفعل منال عندما ترى أمير وحده، فهي لم تأت لتسلم علينا عندما
دخلنا إلى الفندق. وطبعا صح توقعي، رأيتها تلتفت يمينا ويسارا لتتأكد من
عدم وجودي، ثم اتجهت إليه. وظللت أنا من بعيد أراقبهما كالصقر.
لا
تسيئوا فهمي. أثق بأمير جدا، وهي ثقة ليست مبنية على مجرد كلام أو عواطف
فقط، لا بالطبع، فمي ثقة مبنية على الفعل، إذ كنت قد أعددت له عدة اختبارات
أثناء خطبتنا وكنت أراقب ردة فعله، والحمد لله نجح بامتياز مع مرتبة
الشرف، وحتى عندما تزوجنا، وكان يسافر بلادا أخرى، لم يتغير نحوي قيد
أنمله، وأي امرأة لديها القدرة على أن تشم رائحة انشغال رجلها بأخرى من على
بعد أميال، لكن أمير كان يثبت لي دائما أن "عينه مليانة" كما يقولون.
لكن
الحذر واجب، ولذا كنت أتابع صفحة أمير على فيسبوك، فإذا أبدى هو إعجابه
بشئ ما، كنت أجدها تعلق بعدها بنصف ثانية على ما كتبه وتؤكد أن الشئ نفسه
يعجبها، فكنت أنا ادخل واكتب أي تعليق بعدها، وهي طريقة غير مباشرة لقول:
"أنا موجودة على فكرة، ابتعدي عن منطقتي"، وكان أمير يفهم بالطبع ما أفعله
ولا يكف عن الضحك كلما شاهد موقفا مماثلا.
أفقت من أفكاري على صوت
ضحكة من منال مع أمير، وعرفت أن الوقت قد حان للتدخل، وبالطبع ما أن اقتربت
حتى تغير وجهها من الفرحة للاستياء، سلمت عليها ثم سمعتها توجه حديثها
لأمير وتخبره أنها تنتظر حضوره بحفل زفاف أحد الزملاء، فقلت لها: "وأنت متى
سنفرح بك؟"، ردت علي : "ماذا أفعل والرجال الجيدون متزوجون، مثلا هل
سأستطيع أن أجد رجلا في أخلاق أمير"، كدت أن اقتلع رأسها خاصة بعدما شعر
أمير بإطراء ما من كلامها، وهو شعور حاول قدر استطاعته إخفاءه لكن على مين،
تمالكت نفسي وقلت لها: "طبعا ستجدين، ركزي أنت فقط مع "العزاب" وستجدين
ضالتك"، ردت وهي مصرة على أن تصيبني بذبحة صدرية: "لا اعتقد، مثلا أمير رجل
شهم بحق، دائما ما يوصلني للمنزل عندما اتأخر في المكتب بل ينتظر حتى أصعد
للمنزل"، قلت: "حقا؟ يوصلك؟ جنتلمان حقيقي فعلا"، ثم حدجته بنظرة مفادها
"تنتظرك ليلة سوداء يا زوجي الحبيب".
ثم وجدتها تتوجه إليه بالحديث
في أشياء لا أعرفها متناسية وجودي تماما، وكلما حاول أمير إشراكي في الحديث
كانت هي تتعمد تغيير دفة الحوار، وهو ما أثار جنوني، أولا لأنها تتحدث معه
عن أشياء لم اسمع عنها من قبل، وثانيا لفجاجة تصرفها، وثالثا لوجودها
أمامي أصلا.
انتهت السهرة، واستقلينا سيارتنا للعودة للمنزل، كان أمير
صامتا واجما على غير العادة، قلت أنه هجوم مضاد، يعرف عما سأحدثه ولذا قرر
أن يلعب هذا الدور، وكنت قد قررت أن أفاتحه في الموضوع لدى عودتنا للمنزل،
لكن لم استطع السكوت.
"أمير، أنا لا أطيق تلك المنال على الإطلاق".
"اعرف"
"وإذا كنت تعرف، لم توصلها لمنزلها؟"
"وهل يصح أن اتركها تعود لمنزلها وحيدة في وقت متأخر من الليل؟ ثم أنني افعل ذلك مع أي زميلة يصادف وجودها متأخرة"
"لا يهمني أي زميلة، اتحدث عن منال. لا أريدها أن تركب سيارتنا، بل وأريد أن تتجنب الحديث معها".
"هل يمكن أن نؤجل الحديث في هذا الموضوع؟"
"لا بل نتحدث الآن"
"...."
"لم لا ترد علي؟ هل ترفض؟ ولم ترفض؟ هل تخاف على غضبها منك؟ وهل يهم غضبها أصلا؟"
ظل أمير صامتا، وهو ما أثار جنوني "أمييييييييييييييييييييييير"
فأنفجر
في قائلا: "أنا لا يهمني منال ولا غيرها، لن تركب سيارتنا وسأتجنبها إذا
كان هذا يريحك، لكن مشكلتي الآن ليست منال على الإطلاق..مشكلتي مع أمجد،
وطالما أنت فتحت الموضوع، فيجب أن نصل لحل الآن قبل غد".
وكان أمجد قصة أخرى سيحيكها لكم أمير بنفسه.