"عند" العيدبقلم أميرلبس العيد، إنه
أمر مقدس لدى الكثير من الأسر المسلمة ليس في مصر وحدها، إنه أحد مظاهر الفرحة
والسرور خلال عيد الفطر أن يرتدي الأطفال والكبار ملابس جديدة وهم ذاهبون لصلاة
العيد، تخليت عن هذا الحق طواعية في فترة المراهقة كشكل من أشكال الخروج عن أحكام
الأهل في الطفولة.
ولكني منذ عرفت
بسمة وأنا أدرك أهمية "لبس العيد" بالنسبة لها، وباعتباري أرى في نفسي
المسؤول الأول عن كل ما في حياتها حضرت نفسي جيدا من قبل رمضان لهذه المهمة، فقلت
لها قبل بداية الشهر الكريم "بسمة ما رأيك أن نخرج سويا لاختيار لباسك للعيد؟"
ردت باستغراب المخلوط ببعض السعادة "يا حبيبي شكرا، لكن أليس مبكرا
جدا؟".
"مبكرا؟"
في الحقيقة أنا أحب الإعداد للأمور مبكرا، ورغم صعوبة الأمر على أي رجل للخروج
للتسوق، إلا أني كنت الح عليها كل يومين "يا بسمة لماذا لا نتسوق الآن لأجل
رداءك في العيد" كان مبررها الدائم الواهي بالنسبة لي هو "لسه
بدري"، ولماذا علينا الانتظار حتى وقت خروج الجميع للتسوق فتزدحم الشوارع
وتشح البضائع.
ردود بسمة كانت
تجعلني دوما حانق، فأنا أعرف أنها في النهاية ستريد لبسا جديدا للعيد، وحينها
سيكون قد فات الأوان، وبالفعل جاءت ونحن في العشر الأواخر من رمضان وسألتني
"متى سنذهب لشراء ملابس العيد"، قلت لها لن نذهب وتصنعت تجاهل أهمية
الأمر، فقد حذرتها من قبل من التأخر وكنت أنا من يلح عليها في الوقت المناسب.
وجدت أن الأمر قد
يتطور ويخرج من نطاق الممازحة الثقيلة إلى ضيق ونحن في هذه الأيام الكريمة، قررت
قرص أذني بسمة قرصة بسيطة، وتجاهلت طلبها يوما، ولكني في الليلة التالية قلت لها
حسنا دعينا نخرج للتسوق ونرى ماذا ينتظرنا، فرحت كطفلة صغيرة وهرولت للاستعداد.
كان الطريق
مزدحما على غير المعتاد، فالطريق الذي كان يحتاج لربع الساعة احتجنا لساعة لقطعه، كنت
أرمق بسمة كل دقيقتين بنظرة فهمت مغزاها "ألم أقل لك"، وكانت تبلع ريقها
في خجل وتنظر إلى من نافذة السيارة، حتى وصلنا مقصدنا وبدأت رحلة العذاب.
الرجال في تسوقهم
عندما يخرجوا لشراء الملابس عادة لا يقضون وقتا طويلا في هذه المهمة، يعلمون أي
المحال يقصدونها، أول ما يجدونه مناسبا لرغبتهم يشترونه ويذهبون، أما مع بسمة
فعلينا المرور على جميع المحال، ومعاينة جميع المعروضات، وبعدها تبدأ عملية
"الفلترة" أو الغربلة، وترشيح ما يستحق التجربة وتبدأ فكرة المقارنة،
وقد ينتهي اليوم دون شراء شيء.
بدأنا
"اللف" في السوق التجاري الكبير، ومع المحل الثالث بدأت علامات القلق
ترتسم على وجه بسمة، ومعها تزداد الثقة الخبيثة على وجهي "ألم أقل لك"، المحال
كلها مزدحمة، ولا يوجد ما يعجبنا على الإطلاق، والإجابة المشتركة من البائعين
"يا بيه خلاص كل سنة وأنت طيب كل حاجة خلصت"، نفدت أغلب المعروضات ولم
يتبق إلا ما فشل في إقناع أحد بشراءه، لم تيأس بسمة وظللنا في سعينا المحموم ندور
وندور في حلقات مفرغة حتى رفعت راية الاستسلام.
ونحن في طريقنا
للمنزل كانت زوجتي على شفى البكاء، وأول ما دخلنا إلى بيتنا صرخت "يعني ايه،
لا ملابس جديدة في العيد"، لم أرددها أمامها من جديد، فقط في هدوء ذهبت إلى
خزانتي حيث كنت أخبئ ما لدي لهذه اللحظة وأخرجت طقما اشرتيته لبسمة وحدي، ليس على
ذوقي فأنا لا أثق في نفسي في هذه الأمور، ولكنها أشياء أعجبتها من قبل وكانت تنتظر
حتى اللحظة الأخيرة لشراءها، فرحت جداااااااااا وقالت "كيف" أجبتها "ألم
أقل لك"، فأطرقت في خجل وقالت "كل سنة وأنت طيب بقى".