معركتي مع الديناصوربقلم بسمةكم مهول من الأطباق والصواني والأكواب يرمقني
كلما دخلت المطبخ لأحضر شيئا ما، أحاول تجاهله لكني اتخيله يضحك كديناصور
خبيث يعرف أني ساضطر للتعامل معه إن عاجلا أم أجلا.
أقول لنفسي أني سآكل طبق الكنافة ثم أبدأ
معركة الغسيل، لكن يبدأ مسلسلي المفضل فأحنث بوعدي لنفسي وأؤجله، فما يلبث
أن يبدأ البرنامج الفكاهي بعد انتهاء المسلسل، وهكذا أظل في دومة المسلسلات
حتى يحل منتصف الليل، فادخل المطبخ أسفة لأغيب فيه وقتا طويلا في معركتي
الباسلة مع الأواني.
يرتفع صوت زوجي ليسألني عن كوني بخير بعد أن
تأخرت بالداخل، واتساءل أنا عن السبب في زيادة الأطباق المتسخة في رمضان عن
غيره في بقية الشهور!
ربما السبب في إصراري — أنا وكل زوجة عربية
صميمة - على أن تكون مائدة الإفطار أسطورية، إذ أطبخ صنفين من الطعام على
الأقل، مع الكنافة والقطائف كحلويات أساسية قد يرافقها أنواع جديدة من يوم
لآخر واختراعات من المطبخ اللبناني والسوري، وبالطبع مع عدة أنواع من
العصائر المختلفة وأكواب لا تنتهي من الشاي، وأكيد لن أغفل أطباق التمر
والتين المجفف والزبيب لزوم التسلية أمام التليفزيون بعد الإفطار.
أما السحور، فحدث ولا حرج، أطباق الفول والفلافل والبيض
والجبن والزبادي والمربى والعسل، ورغم أننا لا نكثر عن بضع لقيمات، لكن لا
يصح أن تكون مائدة السحور أقل من مائدة الإفطار.
وطبعا يتضاعف هذا الكم المهول في حالة الزيارات العائلية كما حدث في اليوم الأول بحيث أظل أغسل فيه لعدة أيام متتالية.
بعد ساعة ونصف من الغسيل، خارت قواي، فقررت
طلب مساعدة خارجية، "حبيييييييييييبييييييييييييييييي...أنا تعبت"، لكنه
يخبرني أنه سيكمل مشاهدة برنامجه ثم سيساعدني.
ثم أفاجئ أن زوجي الحبيب نام وهو يشاهد
التلفاز لأنه مرهق من العمل أولا وثانيا من كثرة الأكل أمام التلفزيون،
فأغضب أنا بالطبع، المفروض كأي زوج محب أن يساعدني في القضاء على هذا
الديناصور المتوحش لكن ها هو يتركني وينام، لذا قررت تأجيل معركتي الباسلة
حتى الغد وليكن ما يكون، وكأني أعاقبه، لكني في الحقيقة أعاقب نفسي، إذ
سينضم ديناصور اليوم لديناصور الغد الذي لا ينقرض ولا يفنى ولا يستحدث من
عدم.