الجريمة النكراءبقلم بسمةإنها جريمة نكراء لا يمكن السكوت عليها ولا يمكن أن تغتفر.
ها قد بدأ رمضان ولم يحضر لي زوجي فانوسا كما
كنت انتظر. كان أيام خطبتنا لا ينسى أبدا أن يشتري لي فانوسا صغيرا قبل
بداية شهر رمضان، وكنت أفرح به فرحا شديدا كطفلة أهديتها عروسة جديدة.
لكنه لم يحضر لي شيئا في أول رمضان يمر على
زواجنا، أكيد يفكر أني أصبحت زوجته فلا حاجة له لأن يبذل مجهود لإرضائي، أو
ربما أغفل شراءه لأنه مشغول في عمله، لا أعرف على وجه التحديد ما يدور
برأسه لكني قررت أن اكتشف بنفسي.
خرجت من المطبخ فوجدته يشاهد التليفزيون،
فسألته عن أحوال العمل، فأجاب، ثم سألته: "عزيزي ألا تشعر أنك نسيت شيئا
ما"، قال: "نعم نسيت أن أرسل التقرير الذي كتبته إلى مديري"، رددت وقد بدأ
صبري ينفذ: "لا أقصد العمل، أعني ألم تنس شيئا آخر؟"، فأخذ يفكر هنية ثم
قال: "نعم وسترينه غدا"، هنا فقط أشرق وجهي وشعرت أنه تذكر.
وفي اليوم التالي عاد زوجي من العمل وهو يحمل
لفافة كبيرة، فتحها فوجدت فانوسا ضخما، قال زوجي: "كنت نسيت إحضار فانوس
لنزين به شرفتنا"، ورغم أن الفانوس أعجبني إلا أني أصبت بإحباط، فليس هذا
ما أريده.
ظللت طوال اليوم أبحر في الأفكار السوداء،
نسى زوجي فانوسي الصغير، إذن سينسى بالتأكيد عيد زواجنا، وقد ينسى بالمثل
عيد ميلادي، قد تبدو مناسبات بلهاء لكنها مهمة بالنسبة لي، أحب أن أظل أشعر
أنه يتودد إلي ويسعى لإسعادي كما كان يفعل أيام الخطبة، لا أفهم لم يتوقف
الرجل عن إظهار مشاعره بعد الزواج، المسئوليات مرهقة لكن تلك الأشياء
الصغيرة هي التي تهون وتكسر روتين الحياة، كما أنها تؤكدلي أني على باله
دائما. اللعنة...يبدو أني لست في باله، إذا هي الحرب.
عند تلك اللحظة باغتني زوجي بالسؤال عن سبب
تهجمي، نظرت إليه غاضبة ولسان حالي يقول "من المفترض أن تعرف بدون أن أحتاج
لأخبرك"، لكني قررت إخباره، وما أن انتهيت حتى أخذ يضحك فأشتد غضبي
بالطبع: "ما المضحك في الموضوع؟"، قال زوجي: "بالطبع أنت على بالي طوال
الوقت، وأؤكد لك أنه لم يخطر على بالي أن الفانوس له كل هذه الأهمية لديك،
لماذا لم تطلبي مني؟"، قلت: "لا يجب أن أطلبه، المفروض أن تعرف وحدك ما
أحبه".
وعدني زوجي أن يحضر فانوسي الصغير في الغد،
لكنه لم يعد مهما لأني طلبت، وقيمة الهدية بالنسبة لي في تذكره إحضارها لي
بدون حاجة مني لأن أذكره أو أطلب منه شيئا. حسنا، فلننتظر حتى عيد زواجنا،
ولنرى سيذكر أم لا.